رحلة مع القدر .. الجزء السابع
ملاحظة هامة::
يرجى عدم نقل أو نسخ أو إعادة نشر أي جزء من أجزاء "رحلة مع القدر " دون موافقتي الشخصية.. حتى لا تكون هناك إجراءات قانونية .. فالموضوع شخصي .. وتدوينه جاء بغرض الإفادة والمعلومات .. وفي حال الرغبة في ذلك يرجى التواصل معي بترك تعليق حول ذلك
الأربعاء 10/10/2012
ذهبنا للعيادة لإجراء فحص صدى رسم القلب .. Cardio Echogram طلب الطبيب الفحص للتأكد من سلامة القلب واستطاعته لتحمل العلاج الكيماوي .. على الموعد تم الفحص استغرق حوالي 25 دقيقة .. انتهينا منه دون عقبات .. وحقيقة لم يكن لدي أي قلق منه .. لأن قلقي كان مركز على فحص البت .. خرجنا من العيادة وتوجهنا للمستشفى لموعدي التالي .. وهو موعد البت سكان ..
في الاستقبال جاءتنا سيدة أمريكية سمراء هي مسؤولة ومنسقة للفحص .. عرفتنا بنفسها .. اسمها "شفيقة" .. أحضرت معها روبين وطلبت مني تغيير ملابسي ولبس الروبين في غرفة تغيير الملابس استعدادا للفحص .. ثم أخذتني لغرفة تحليل الدم حيث تم تركيب إبرة في يدي لحقن محلول الفحص الملون والذي يستخدم للتصوير .. وشرحت لي ضرورة معرفة نسب معينة في الدم حتى يمكن القيام بالفحص ..
بعد فحص الدم قالت : سنذهب لغرفة الفحص .. وستستغرق عملية المسح ساعة ونصف ..وهنا وجهت كلامها لي ولجهينة .. ولكن علينا ملأ هذه الاستمارة ببعض البيانات أولا .. وهي استمارة فيها أسئلة عن تاريخي الصحي .. وأنواع الأدوية التي أخذها .. بعد أن انتهينا من الاستمارة ..
سألتها : اسمك شفيقة ..
فردت فورا : أليس هو جميل ..
وكانت بسبب الحجاب قد عرفت أننا مسلمات .. فقلت لها : نعم لأنه باللغة العربية له علاقة بالرحمة والحنان ..
وحقيقة السيدة شفيقة كانت بالفعل حنونة وبها من الإنسانية ما يريح النفس .. وفي نفسي اتساءل هل اختيارات من يعملون في هذه الوظائف لها مواصفات خاصة .. تساعد المرضى على تجاوز ما يمرون به من خوف وقلق .. كانت شفيقة هادئة بشكل مطمئن جداً .. فروت لنا أن زوجها مسلم وغير اسمها إلى شفيقة ولديها من الأبناء رشاد وعائشة .. أمريكية مسلمة سمراء.. أحسست بقوة الإسلام وما يمنح من هدوء وراحة في كلامها ..
انتهينا من البيانات فالتفت إلى جهينة وقالت لها : بعد هذه النقطة لن تستطيعي الاستمرار معنا سأخذها - تعنيني - إلى غرفة الفحص .. ولا تقلقي فهي في أيدي أمينة .. سأعيدها لك بعد ساعة ونصف .. افترقنا أنا وجهينة وهي تدعو لي بالشفاء ..
أجلستني شفيقة في ممر به عدة كراسي .. وذهبت لتحضر بطانية دافئة لفتها حولي ثم قالت : هل أنت مستعدة ..
فقلت : نعم .. وأنا افكر أريد أن أتخلص من هذا القلق فهذا الفحص سيكشف لنا ما إذا تسرب المرض إلى أماكن أخرى في الجسم ..
ذهبنا إلى غرفة الفحص .. غرفة طويلة بها كرسي يتحول إلى سرير عليه مخدة وشرشف وبطانية اجلستني عليه وغطتني بالبطانية .
ثم قالت لي : سأتركك الآن مع مختصة التصوير .. فهي من ستقوم بالمسح ..
هنا عرفتني المختصة بنفسها .. في يديها صينية صغيرة بها إبرة 10-15 سم بها محلول .. ووعائين 450 ملم بهما محلول أبيض كثيف ..
وقالت لي : سأشرح لك كيف يعمل هذا الفحص .. الخلايا السرطانية خلايا نهمة وشرهة تحاول التهام أي شي قبل بقية خلايا الجسم .. هذا المحلول في الحقنة يصور بالألوان مكان النشاط الذي تقوم به الخلايا السرطانية في الجسم مما يدلنا على مكانها .. أما الوعائين ففيهما مشروب جلوكوز عليك شربة في 45 دقيقة وعليك عدم الحركة حتى تقوم الخلايا السرطانية بالتهام الجلوكوز فنعرف مكانها .. كل وعاء به 450 ملم من الجلوكوز أي لتر للاثنين تقريبا .. هل تريدين أن اضع لك موسيقى لتسترخي ..
فقلت لها : لا شكرا .. فنيتي أن أقرأ ما احفظ من القرآن واسبح واستغفر وأدعو الله أن يشفيني ويكفيني الشر ..
فقالت : سأبدأ بحقن الدواء الملون في يديك .. وفعلت .. ثم قالت : حاولي شرب ما في الوعائين .. دون حركة كثيرة ..
بدأت الشرب .. وكنت قلقة بشأن طعمه .. والحقيقة لا طعم له مشروب كثيف السكر .. بدأت الشرب وكلما توقفت دعوت الله وسبحت واستغفرت طالبة منه عز وجل أن يشفيني ويحميني .. مرت ال45 دقيقة وانتهيت من شرب الوعائين .. جاءت مختصصة التصوير وأخذتني غلى غرفة أخرى بها جهاز المسح .. استلقيت على ظهري على سرير المسح .. ثم ادخلتني في جهاز اسطواني ..
وقالت : سنحقن يدك مرة أخرى بالمحلول الملون .. ستشعرين بحرارة عالية في جسمك وحلقك وهذا طبيعي فلا تخافي ..
وبالفعل أحسست بذلك لدقائق ثم ذهب الشعور .. ومع كل حركة تصوير كانت تتابع معي بالمايكرفون وتشرح لي ما سيحدث في النقطة التالية .. لم يكن الوضع مريح .. ناهيك من الخوف الذي يطرق عقلي .. ماذا لو؟؟ ولكن المختصة كانت تشجعني على تحمل الفحص .. وأخيرا انتهي التصوير ..
وقالت : بقي شيء أخير سأقوم لك بتصوير مقطعي كامل من نفس الجهاز ..
وقامت به بالفعل .. كل ذلك استغرق 45 دقيقة طويلة جداً على قلبي .. ثم جاءت وأجلستني وقالت انتهينا ..
سألتها : هل من مؤشر ..؟
فقالت: لا استطيع الإجابة .. لأن ذلك غير قانوني .. طبيبك هو من يخطرك بالنتيجة .. سأكتب التقرير وأرسله له ..
فشكرتها وذهبت إلى غرفة تغيير الملابس .. ورأسي تدور بها ألف فكرة وفكرة ..
خرجت من غرفة الملابس لأجد شفيقة تدعو لي بالشفاء .. واستخدمت كلمات حنونة ورقيقة لتهدئتي .. شكرتها وخرجنا أنا وجهينة من المستشفى ..
عدنا إلى الفندق .. كانت الساعة الثانية ظهرا تقريبا .. تغدينا .. ثم أخذنا حاجتنا بعد أن دفعنا الحساب .. فاليوم سننتقل إلى الشقة .. مررنا قبل الذهاب للشقة لشراء بعض الضروريات للشقة من حاجيات وطعام وشرب ..
استلمنا الشقة .. يا الله كم أريد أن استلقي على ظهري .. وأنام إلى الغد .. فالغد يوم آخر طويل ربما الله اعلم .. يا الله كم أنا تعبة أرهقني هذا الفحص .. وأرهقني التفكير في نتيجته .. التي لا أعرف ماذا ستكون .. كم أكره هذا القلق المخيف ؟؟ ماذا لو ؟ .. ثم قلت في نفسي توكلي على الله .. دعوت الله سبحانه أن لا يخيب ظني ويشفيني ويعافيني ..
رتبنا أمورنا في الشقة .. أكلت قليل من الطعام .. وقررت أن استريح فغداً عملية تركيب صمام لحقن الدواء الكيماوي .. مازال القلق يوترني .. ولكنني جعلت اكلم نفسي هذا ابتلاء .. وامتحان علي النجاح فيه .. وفي كل الأحوال الحمد والشكر لله ..
استلقيت في السرير على ظهري .. وتفكرّت في حياتي .. لقد عشت حياة رائعة وجميلة أسرتي جميلة ولله الحمد .. ولدي الكثير ما أحمد الله عليه .. إن جاءت النتيجة كما أحب فلله الحمد والشكر والثناء .. وإن جاءت ليست كما أحب وأريد .. فلله الحمد والشكر والثناء .. ولكل حادث حديث وقتها .. أكثر ما يزعجني في الموضوع أنني لن أعرف النتيجة سلبا أو إيجابا حتى يوم الأثنين المقبل ..
الآن ارتاحي يا نور وإهدائي .. فغداً يوم حافل أيضا .. قررت أن أنام .. قرأ سورة الحمد والإخلاص والمعوذتين وآية الكرسي .. واستغفرت ربي وصليت على سيدنا محمد وسبحت .. حتى غرقت في النوم ..
جلست على السرير .. وجاءت ممرضة طلبت مني انزع ملابس وألبس روب معقم لدخول غرفة العمليات .. ثم جاءت ممرضة أخرى اطلقت على نفسها مسمى "ممرضة ممارسة" Nurse Practitionerوقالت لي : سأشرح لك ما سنقوم بفعله في هذه العملية .. في الجانب الأيمن من الرقبة وأعلى الصدر تحت عظمة الكتف بأربعة اصابع تقريبا .. سنركب لك تحت الجلد صمام اسمه Power Port مع أنبوب قصير يصل إلى الوريد ويدخل فيه ويثبت بغرزة .. أمام الصمام نفسة فسيحتاج إلى 3-4 غرز .. من خلال الصمام يتم حقن العلاج الكيماوي .. هذا الصمام يحمي عروق الجسم من التأثير السلبي للعلاج الكيماوي .. كما يسهل عليك عدم البحث عن مكان كل مرة في يدك للحقن .. فالعلاج الكيماوي يمرمن خلال الصمام إلى الوريد ويتوزع في الجسم .. هل تريدين أن تري كيف يبدو .. فأجبت بلا قاطعة .. (صراحة خفت منه) .. لمعرفة المزيد عن هذا الصمام اضغط على الرابط التالي .. http://www.powerportadvantage.com/about.html
بعد قليل .. أخذتني ممرضة أخرى إلى غرفة العمليات وقالوا لي أن العملية ستستغرق ساعة ونصف .. لا اتذكر أي شيء بعد ذلك حتى فتحت عيني في غرفة الإفاقة .. وجدت جهينة بجانبي .. تم تركيب الصمام .. استرحت قليلا أعطتني الممرضة بعض العصير .. ولما تأكدت أنني بخير .. أعطتني تعليمات بشأن الغيار على الجرحين .. في أعلى الرقبة وأعلى الصدر مكان الصمام ..
عدنا إلى الشقة .. الأمور على ما يرام ..انتهيت من تركيب الصمام والاستعداد للعلاج الكيماوي .. أول علاج كيماوي يوم الاثنين 15/10 ..
ما بين يومي الخميس والاثنين في قلق عميق بسبب انتظاري لنتيجة الفحص ولم يأتي أي اتصال من عيادة الدكتور بهذا الشأن ..
اليوم أول جرعة من العلاج الكيماوي .. ذهبنا للموعد .. في الاستقبال في العيادة .. طلبت أن أعرف نتيجة فحص البت .. فقالت لي الموظفة لا موعد لدي مع الطبيب .. فقط أول موعد للعلاج الكيماوي .. بجد خفت .. فقلت بكل إصرار : لازم اعرف النتيجة قبل ما أبدأ العلاج .. فقالت : انتظري قليلا .. بعد قليل جاءت الدكتورة جويل العم .. وبيدها صورة من تقرير البت .. وقالت : مبروك لا يوجد تسرب في أي مكان غير المنطقة المصابة ..
بكيت .. وبكت معي جهينة .. شكرت الله وحمدته .. شكرت الدكتورة .. هم كبير انتهى .. الآن استطيع أن أبدأ العلاج الكيماوي .. ونص الثقل الذي أرهق كاهلي انزاح ..
اتوقف هنا .. وأعود لكم في الجزء التالي ..
تحياتي
نور العيسى