الثبات على المبدأ ..
الكتابة في عصر الزحمة فن .. فاختيار مواضيع للكتابة بها ليس بهذا الأمر السهل .. وخاصة إذا كان هناك من يتابع كتاباتك عن بعد أو عن كثب .. وربما أجبرتني ظروفي للابتعاد عن الكتابة لفترة طويلة .. وها أنا اليوم أعود لعالم الكتابة .. بموضوع عن المباديء التي يتبناها الإنسان ..
فالمباديء التي يضعها أي انسان لنفسه هي جزء من شخصيته وتركيبتها وثقافته ودينه ومجتمعه .. وهي ذات دور قوي في تثبيت قيمه وفكره وفلسفته .. ومن الجميل جداً أن يكون للانسان ضمن مبادئه عنصر الثبات عليه لأنه مقتنع به .. ولابأس أن يتغير المبدأ إذا اكتشف صاحبه أنه خطأ أو غير مفيد أو غير مجدي أو لا يصلح مع الواقع .. فالاقتناع بالآراء المختلفة للغير يؤدي إلى تعديل المباديء .. أو تغييرها .. أو ثباتها ..
الاقتناع بأن هذا الرأي أو ذاك صحيح .. يأتي من التمسك بفكر معين أو موقف معين .. مما يثبت المبدأ .. فعلى سبيل المثال .. لنفترض أنني مقتنعة بفساد مؤسسة ما .. جراء ما أراه من متضررين من منتسبيها أو الذين لهم علاقة بها يوما بعد يوم .. وأصبحت لدي قناعة بضرورة تغيير قيادتها للمصلحة العامة .. هذه القناعة جاءت من مبدأ عدم القبول بالضرر الوقع على شريحة كبيرة من الأفراد .. وهي قناعة ثابته ..
المباديء لدينا كبشر كثيرة .. وتختلف باختلاف هوياتنا وشخصياتنا وحتى عاداتنا وتقاليدنا وانتماءاتنا .. فقد نُطالب باحترام مباديء الغير ونطلب من الغير في المقابل احترام مبادئنا .. ولكن ما العمل إذا تضاربت مباديء الغير مع مبادئنا .. هل نحترمها .. أم نكتفي بعدم التدخل .. (وهو الغالب)؟
في قطر وفي دول الخليج عامة .. نطالب من هم ليسوا مسلمين أو عرب باحترام عاداتنا وتقاليدنا .. مثل عدم ارتداء الملابس غير اللائقة وعدم التصرف بتصرفات شائنة لا يقبلها المجتمع المحلي وغير ذلك .. ونجد الكثير من الأجانب ملتزمين بعدم خرق هذه المطالب .. وهذا الالتزام للكثير لا يأتي من فضيلة الاحترام بل يأتي من الخوف من خرق القانون الذي قد يترتب عليه كثير من الأمور قد تصل لمغادرة البلاد ..
وفي دول الغرب تحديدا .. والتي نزورها - نحن الخليجيين – كثيراً .. هناك عادات وأعراف نحترمها بجد .. وأخرى نلتزم بها لأننا لو لم نفعل سيطالنا القانون .. فنحترم الوقوف في الطابور وهذه عادة حميدة .. ولكن لانحترم اللباس الفاضح وخروج الأبناء عن سن 18 لسكن منفصل ولا نقبل التسكع في المراقص والبارات .. لكننا لا نتدخل لأن القانون في بلادهم يلزمنا بعدم التدخل .. وسكوتنا على ذلك لا يعني احترام لهذه العادات بل يعني التزام بحدود القانون ..
بيت القصيد .. العادات والتقاليد والأعراف تختلف في الدول العربية والمسلمة عن غيرها وهي مباديء لدى أفرادها .. والثبات عليها مبدأ لا يتجزأ من شخصياتنا .. فالغربي يلتزم بالقوانين التي تخص عاداتنا وتقاليدنا في بلادنا ليس لأنه يحترمها.. والعكس صحيح نحن أيضا لا نتدخل في عاداتهم ليس لأننا نحترمها بل لأننا ملتزمون بالقانون ..
فمبدأ الاحترام متنوع مختلف جداً عن مبدأ الالتزام بالقانون .. ثباتي على مبدأ احترامي لعاداتنا وتقاليدنا يتضارب مع مبدأ احترامي لعادات الغرب والعكس صحيح .. ولكن في المكانين يحترم الأفراد القانون وهذا ثبات في المبدأ ..
همسة :: لا تقارن الخوف من طائلة القانون .. باحترام العادات والتقاليد ..
نور العيسى ..
28/6/2013