استغفر الله مائة مرة وعشرة ..
كثيرا ما نسمع من كبارنا .. أعني أمهاتنا وآبائنا .. عبارة "استغفر الله" .. في خضم كثير من الحديث والسوالف والنقاش .. وخاصة عندما لا يروق لهم الحديث أو النقاش .. أو حتى التعجب منه .. وتفسير هذا الاستخدام في رأيي هو "اللهم صبرني .. أو أعطيني الصبر .. أو القدرة على تحمل ما يدور من نقاش أو حديث .."
الاستغفار دعاء مرغوب ومطلوب .. ومحاسنه كثيرة .. وجزاءه كبير .. أثناء فترة مرضي خلال العام الفائت .. لم اترك الاستغفار يوما .. فكنت كثيرة الاستغفار .. وطالبة للصبر والتحمل والرحمة من الله سبحانه وتعالى .. فمن دخل الإيمان قلبه .. لا يستطيع إلا وأن يستغفر الله .. كم اقول لنفسي .. أن غير المسلمين لا يعرفون نعمة الإسلام وتأثيرها على الإنسان .. واعذروني لأني أريد أن أسرد عليكم .. خبرة مررت بها أثناء تلقي العلاج الطبيعي بعد إجراء العملية الجراحية ..
بعد الجراحة اقترحت الطبيبة الجرّاحة أن انتظم في برنامج أسبوعي للعلاج الطبيعي بهدف منع تجمع السوائل في ساعدي الأيسر الذي أزيلت الغدد الليمفاوية المصرفة للسوائل .. وكان برنامج العلاج الطبيعي مقسم إلى أربعة أجزاء .. نصف ساعة لكل جزء .. النصف ساعة الأولى كانت للعلاج النفسي اسمه (ريكي) RiKi .. تليها نصف ساعة مساج للساعد .. ثم نصف ساعة تمارين للساعد .. والنصف ساعة الأخيرة مخصصة للتغذية وخطة الغذاء في فترة النقاهة .. البرنامج جيد .. ولكن تضاربت النصف ساعة الأولى مع إيماني وعقيدتي وعقلي وقناعاتي .. ولكنني في حاجة للساعة والنصف المتبقية من البرنامج ..
وأروي لكم ما حدث .. وكثيرا ما اضحك عنما اتذكر .. وأُسعد.. وأقول لنفسي .. رب ضارة نافعة .. أدخلتني أخصائية الريكي في غرفة بها سرير .. وطلبت مني الإسترخاء عليه .. وأطفأت نور الغرفة .. وأوقدت بعض الشموع .. وأشغلت موسيقى هادئة .. وطلبت مني أن أضع كفي على بطني .. ثم طلبت أن أأخذ شهيق .. وزفير بتأني .. وعليّ أثناء الشهيق أن افكر في استنشاق أفكار إيجابية .. وأثناء الزفير عليّ إخراج الأفكار السلبية .. بالذمة ألا يستحق هذا الموقف الصبر .. أنا أريد بقية العلاج .. وما تريدني أخصائية الريكي أن أقوم به غير مقنع لي بتاتا .. تقول لي فكري المروج الخضراء .. وأنا لا أري إلا البر أمامي (ما يحتاج أوصف لكم البر).. وأخرجي الأفكار السوداء .. باختصار بغيت الصبر على هذه النصف ساعة .. فاستبدلت خطتها بخطتي للصبر .. فقمت بالاستغفار أثناء الشهيق .. وبالحمد أثناء الزفير .. وقرأت ما تيسر من السور القصيرة .. ودعوت لوالدتي بالرحمة .. وهي تقول شهيق بصوت خافت وزفير breath in : breathe out.. وهكذا مرت النصف ساعة .. وخرجت من الجلسة مرتاحة بالفعل .. فقد تحول الريكي .. إلى جلسة استغفار ودعاء ..
في كثير من المواقف .. تصبح أعصابنا مشدودة .. الاستغفار هو الحل .. استغفر الله وكررها في نفسك .. فهي تساعد على هدوء النفس .. وضعت لنفسي استراتيجية لساعات الغضب .. فاستغفر الله خمس مرات .. فإذا وجدت أن الغضب لا زال موجود .. أضفت خمس أخرى .. وهكذا حتى تخف حدته .. مع محاولة أخذ شهيق وزفير بتأني .. في الشهيق تدخل كمية أكبر من الأكسجين إلى الرئتين .. وفي الزفير تخرج كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون .. وجدت أن التأني في التنفس أثناء الاستغفار .. مريح جدا ..
الآن فهمت .. لماذا كان كبارنا يستغفرون كثيرا .. التأني في عملية التنفس .. يساعد على الصبر وفك الغضب وحل التأزم .. وفي عالمنا اليوم الكثير منا يحتاج ولأسباب مختلفة .. أن يستغفر الله مائة مرة وأكثر في يومه ..
نور العيسى
30/8/2013